احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

التحيز.. مرض فكري عضال

التحيز.. مرض فكري عضال

وليد الصيفي

" أنت غير منصف في رأيك وإنما تبرر فقط" " هذا القرار يدعم انتماءك و مصالحك " " أنت متعصب لحزبك"... كثيرا ما نواجه أمثال هذه العبارات وغيرها أثناء حديثنا و حوارنا مع الآخرين، وهي تشير إلى مرض فكري خطير وهو ( التحيز).. سأحاول إلقاء بعض الضوء عليه في هذه الكلمات.

نستطيع أن نعرف التحيز أنه: طرق في التفكير تقررها سلفا دوافع مصلحية وذاتية أو ارتباطات اجتماعية، تجعل الشخص لا يرى غير أفكاره وآرائه، أو كما عرفه الدكتور عبد الكريم بكار: ( إصدار الأحكام والمواقف والآراء بناء على مجموعة المفاهيم والدوافع والانتماءات الخاصة بالمرء، بعيدا عن الواقع).

وتكمن خطورة التحيز في عدة أمور تتمثل في آثاره ومظاهره السلبية الكثيرة ومنها:

1-المتحيز ينفر من كل ما يضاد دوافعه ويتعصب ضد الطرف الآخر بغض النظر عن رأيه وفكره، وهذا يقود إلى تقطع وتشرذم في العلاقات.

2-التحيز يغلق أبواب التواصل والتبادل الفكري بين الأطراف والاتجاهات.

3-التحيز يجعل الشخص – وإن امتلك أدوات التفكير الصحيح وتعمق في علم المنطق- عاجزا عن التوصل إلى نتائج صحيحة في مسائل تتصل بمصالحه الخاصة أو ظروفه الاجتماعية.

4-النظرة الأحادية: فالشخص المتحيز لا ينظر للأمور إلا من الجانب المتفق مع ثقافته وتكوينه الفكري.

5- الغضب و ردود الفعل العنيفة: إذا لاقى الشخص المتحيز مواجهة من الآخرين فإنه يتوتر ويحتد ويغضب، لأن عواطفه لا تسمح بأن تهدد آراؤه.

أما عن أسباب التحيز و دوافعه: فلا شك أن الشخص الذي لم يتعود على الانفتاح الفكري ولم يمارس القدرة على اختبار وتحليل الآراء فإنه غالبا يتحيز في طرحه، ونضيف إلى هذا السبب:

1-غلبة الدوافع النفسية والمصالح الذاتية على الموضوعية.

2-التعصب الأعمى لدولة أو حاكم أو مذهب.

3-العيش وسط بيئة أو أشخاص مصابون بالتحيز، فيتطبع الإنسان بهم دون أن يشعر.

4-تنميط الناس وتكوين انطباعات جاهزة عنهم ومسبقة.

5-تدني الثقافة والمستوى الروحي يدفع إلى التحيز للجنس أو العرق أو القبيلة والعائلة.

ومن الأمثلة التاريخية للتحيز: ما كانت تفعله العرب في الجاهلية، من تناصر وتحالف قبلي بعيدا عن مسألة العدل والحق، قال شاعرهم:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم                 في النائبات على ما قال برهانا

 

 

ومن الأمثلة المعاصرة: تحيز الأمريكين  ودفاعهم عن جرائم الإسرائيلين واستخدام حق النقض في مجلس الأمن لمنع أي إدانة لهم، في حين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا اعتدي على مواطن أمريكي أو أسر جندي صهيوني محتل!

وأيضا من الأمثلة المشهورة والمنتشرة في حياتنا: أنك ترى المنتمي لحزب يسمع ويأخذ بكل آراء علماء ومفكري حزبه، ويرفض أي رأي من خارج الحزب!.

والآن سأطرح بعض النقاط التي تعين على علاج هذا المرض، ومقاومته:

1-أولا لابد من الاعتقاد باحتمال إصابتنا بتحيزات، لنستطيع بعد ذلك مراقبة آرائنا وأطروحاتنا وتعديلها.

2-الانفتاح، فالمنغلق يظن أن حياته هي النموذج المثالي للحياة، بينما المنفتح سافر واطلع وقرأ، فاتسع أفقه وعرف أن عند الآخرين خير كما عنده.

3-الاتفاق والإقرار على المعايير والأسس لتحليل أو تناول الموضوع المطروح، ومن ثم تطبيق هذه المعايير والمبادئ في الطرح والنقاش.

4-الابتعاد عن الغضب والاحتداد عند الحوار أو النقاش، وإذا شعرنا ببوادر الغضب تتزاحم فهذه إشارة لأن نحذر من تحيزنا ونكون أكثر أدبا وتقبلا للآخرين.

5-وضع النفس في موضع الآخرين، لنتصور حجم الإساءة إليهم، ولتفحص ما يسيء إليهم من أقوالنا وطرحنا وتصرفاتنا والابتعاد عنها.

بقي أن نقول أن التخلص التام من التحيز غير ممكن، فمن الطبيعي أن يكون عند الإنسان تحيز لمبادئه وقومه وتاريخه، وإلا لما ناقش و دافع عن رأيه، ولكن المطلوب ترك التحيز الأعمى الذي يصم الأذن عن آراء وحجج الآخرين ويبخسهم أشياءهم وأفكارهم.

المراجع:

1-تكوين المفكر- عبد الكريم بكار.

2- التفكير المستقيم والتفكير الأعوج- روبرت ثاولس

 

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق